دراسة حالة 3.1: المراقبة والتحقق خلال الانتخابات البرلمانية الأوكرانية
ترجمة: الدكتور خالد الشهاري
خلال الانتخابات البرلمانية الأوكرانية التي حدثت في خريف عام 2012م، قامت منظمة إنترنيوز أوكرانيا، وهي منظمة محلية غير حكومية تدعمها المنظمة الإعلامية العالمية غير الربحية إنترنيوز، بتنفيذ مشروع لمراقبة الانتخابات أطلق عليه Elect.UA. جمعت المنظمة بين كل من التعهيد الجماعي crowdsourcing واستخدام الهواتف المحمولة ووسائل الإعلام الاجتماعي والرصد المهني للانتخابات ومراقبة وسائل الإعلام، في سبيل الإشراف على الحملة الانتخابية ورصد أيّ مخالفات من المحتمل أن تتعرض لها النتائج أو أيّ محاولات للعبث بها.
تم بناء المشروع على نحو معقد إلى حد ما: كان 36 صحفياً ينتشرون في جميع أنحاء البلاد ويرفعون تقاريرهم خلال الحملة الانتخابية وفي يوم الانتخاب. وفي نفس الوقت، كلّفت ثلاث منظمات مختلفة لمراقبة الانتخابات عامليها برفع تقاريرهم إلى نفس المنصة باستخدام الرسائل القصيرة ونماذج على الإنترنت ورسائل البريد الإلكتروني. كما دعا مشروع Elect.UA الأوكرانيين لرفع تقارير عن تجربتهم في الانتخابات باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعي (تويتر وفيسبوك)، أو تقنيات الهاتف المحمول (الرسائل القصيرة والخط الساخن)، أو تطبيقات الهواتف الذكية، أو نماذج على الإنترنت، أو عبر البريد الإلكتروني.
تم وسم كل المعلومات الواردة من الصحفيين ومراقبي الانتخابات الذين درّبتهم منظمة إنترنيوز تلقائياً بأنّه تم التحقق منها، وفي نفس الوقت قام فريق يتكون من 16 إدارياً في كييف بفحص الرسائل التي كانت تصل من الناس. بالنسبة للرسائل القادمة من الناس، أنشأ الفريق الإداري بروتوكولا للتحقق يستند إلى مصدر المعلومة: هل وردت المعلومة عن طريق تقنيات الهاتف النقال، أو وسائل الإعلام الاجتماعي، أو نموذج على الإنترنت أو البريد الإلكتروني.
ولكل مصدر، كان الفريق يحاول التحقق من مُرسِل المعلومة (عند الإمكان) ومحتواها وسياقها. ولكل من هذه المكونات، كان الفريق يحاول أيضاً تحديد ما إذا كانت نسبة التحقق تصل إلى 100%، أو أنّ التحقق تمّ بصورة جزئية فقط.
بالنسبة للمعلومات التي وصلت عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، فإنّ الصورة أدناه تظهر نموذج شجرة القرارات الذي استخدمه الإداريون في عملية التحقق.
كانت الخطوة الأولى تتمثل في إجراء بحث على الإنترنت عن المعلومة ومصدرها بهدف تحديد كل الآثار الرقمية المحتملة لذلك الشخص، وللمحتوى الذي أرسله. (مثلاً، تفحصنا حسابات وسائل الإعلام الاجتماعي الأخرى، وما ذُكر عنه في المقالات الإعلامية، وأيّ معلومات عن الجامعة، والانتماءات، الخ). لقد كان الهدف من مثل هذا البحث هو معرفة ما إذا كان الشخص مصدراً موثوقاً به، وما إذا كان هناك أيّ أثر للمعلومات التي قدّمها في أي ّمكان آخر على الإنترنت.
أمّا الخطوة الثانية فقد تمثلت في استخدام المعلومات التي تم جمعها لتكوين صورة عن الشخص، ولمحة عن المحتوى الذي قدمه. كان على الإداريين أن يحدّدوا بعناية ما تمكنوا من إثباته وما لم يتمكنوا من إثباته لكل سؤال من الأسئلة الخمسة – من وماذا ومتى وأين ولماذا.
للتحقق من المحتوى متعدّد الوسائط، تمّ استخدام نفس البروتوكول للتحقق من المصدر، غير أنّنا استخدمنا أسلوباً مختلفاً للتحقق من المحتوى. تم التحقق من الصور ومقاطع الفيديو من خلال البحث عن أي معالم محددة، وعن طريق تحليل عناصر عديدة في المحتوى من بينها الصوت (بالاستماع إلى اللغة، واللهجات، والكلمات العامية، والضوضاء في الخلفية، الخ)، والملابس والأضواء (هل كانت مصطنعة أم طبيعية).
في حال لم نتمكن من الوصول إلى درجة كافية من اليقين في التحقق من معلومة ما، كان يتمّ إعادة التقرير إلى مراقب انتخابات أو مراسل في الميدان من أجل التحقق من المعلومة وجها لوجه وفي مدة وجيزة.
فعلى سبيل المثال، تلقى مشروع Elect.UA في 28 أيلول/سبتمبر 2012م رسالة مجهولة المصدر عبر موقعه على شبكة الإنترنت مفادها أنّ المرشّح البرلماني ليونيد داتسينكو تلقّى دعوة من شخص غريب ليحضر جلسة نقاش، ومن ثم تعرّض المرشّح للتخويف لإجباره على الانسحاب من الانتخابات.
في اليوم التالي، وجد القائمون على إدارة المنصة مقالاً نشره مصدر إعلامي موثوق به وكان المقال يتضمن تفصيلاً للحوار الذي دار بين المرشّح والشخص الغريب. كنّا لا نزال نتحفّظ على التقرير حتى يتم التحقق من محتواه، وبعد ذلك، وفي الأول من تشرين الأول/أكتوبر تحدّث صحفيون محليون في مؤتمر صحفي عُقد بشأن تلك الحادثة. كما أنّ صحفيّي Elect.UA المحليين أجروا مقابلات مع عناصر من سلطات الأمن المحلية، والذين أكّدوا بدورهم صحّة هذه الواقعة.
عموماً، نجح فريق Elect.UA في التحقق من قدر هائل من المعلومات باستخدام هذه البروتوكولات، كما لاحظ الفريق أنّ الإداريين يستطيعون إنجاز أعمالهم بشكل أسرع كلما تعززت خبرتهم في القيام بعملية التحقق. وهذا يثبت أنّ التحقق من المحتوى الذي يولّده المستخدمون ما هو إلا مهارة يمكن تنظيمها وتعلمها، للحصول على نتائج فعالة وموثوق بها في نهاية المطاف.